فصل: قال الصابوني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة الصافات:
مكية ولم يحكوا في ذلك خلافا.
وهي مائة واحدة وثمانون آية عند البصريين ومائة واثنتان وثمانون عند غيرهم.
وفيها تفصيل أحوال القرون المشار إلى إهلاكها في قوله تعالى في السورة المتقدمة {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون إنهم إليهم لا يرجعون} وفيها من تفصيل أحوال المؤمنين وأحوال أعدائهم الكافرين يوم القيامة ما هو كالإيضاح لما في تلك السورة من ذلك وذكر فيها شيء مما يتعلق بالكواكب لم يذكر فيما تقدم ولمجموع ما ذكر ذكرت بعدها.
وفي البحر مناسبة أول هذه السورة لآخر سورة يس أنه تعالى لما ذكر المعاد وقدرته سبحانه على إحياء الموتى وأنه هو منشئهم وأنه إذا تعلقت إرادته بشيء كان ذكر عز وجل هنا وحدانيته سبحانه إذ لا يتم ما تعلقت به الإرادة إيجادا وإعداما إلا بكون المريد واحدا كما يشير إليه قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}. اهـ.

.قال ابن عاشور:

سورة الصافات:
اسمها المشهور المتفق عليه الصافات.
وبذلك سميت في كتب التفسير وكتب السنة وفي المصاحف كلها، ولم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسميتها، وقال في الإتقان: رأيت في كلام الجعبري أن سورة الصافات تسمى سورة الذبيح وذلك يحتاج إلى مستند من الأثر.
ووجه تسميتها باسم الصافات وقوع هذا اللفظ فيها بالمعنى الذي أريد به أنه وصف الملائكة وإن كان قد وقع في سورة الملك لكن بمعنى آخر إذ أريد هنالك صفة الطير، على أن الأشهر أن سورة الملك نزلت بعد سورة الصافات.
وهي مكية بالاتفاق وهي السادسة والخمسون في تعداد نزول السور، نزلت بعد سورة الأنعام وقبل سورة لقمان.
وعدت آيها مائة واثنتين وثمانين عبد أكثر أهل العدد.
وعدها البصريون مائة وإحدى وثمانين.
أغراضها:
إثبات وحدانية الله تعالى، وسوق دلائل كثيرة على ذلك دلت على انفراده بصنع المخلوقات العظيمة التي لا قبل لغيره بصنعها وهي العوالم السماوية بأجزائها وسكنها ولا قبل لمن على الأرض أن يتطرق في ذلك.
إثبات أن البعث يعقبه الحشر والجزاء.
ووصف حال المشركين يوم الجزاء ووقوع بعضهم في بعض.
ووصف حسن أحوال المؤمنين ونعيمهم.
ومذاكرتهم فيما كان يجري بينهم وبين بعض المشركين من أصحابهم في الجاهلية ومحاولتهم صرفهم عن الإسلام.
ثم انتقل إلى تنظير دعوة محمد صلى الله عليه وسلم قومه بدعوة الرسل من قبله، وكيف نصر الله رسله ورفع شأنهم وبارك عليهم.
وأدمج في خلال ذلك شيء من مناقبه وفضائلهم وقوتهم في دين الله وما نجاهم الله من الكروب التي حفت بهم.
وخاصة منقبة الذبيحة، والإشارة إلى أنه إسماعيل.
ووصف ما حل بالأمم الذين كذبوهم.
ثم الأنحاء على المشركين فساد معتقداتهم في الله ونسبتهم إليه الشركاء.
وقولهم: الملائكة بنات الله، وتكذيب الملائكة إياهم على رؤوس الأشهاد.
وقولهم في النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن وكيف كانوا يودون أن يكون لهم كتاب.
ثم وعد الله رسوله بالنص كدأب المرسلين ودأب المؤمنين السابقين، وأن عذاب الله نازل بالمشركين، وتخلص العاقبة الحسنى للمؤمنين.
وكانت فاتحتها مناسبة لأغراضها بأن القسم بالملائكة مناسب لإثبات الوحدانية لأن الأصنام لم يدعوا لها ملائكة، والذي تخدمه الملائكة هو الإله الحق ولأن الملائكة من جملة المخلوقات الدال خلقها على عظم الخالق، ويؤذن القسم بأنها أشرف المخلوقات العلوية.
ثم إن الصفات التي لوحظت في القسم بها مناسبة للأغراض المذكورة بعدها، ف {الصافات} يناسب عظمة ربها، و{الزاجرات} يناسب قذف الشياطين عن السماوات، ويناسب تسيير الكواكب وحفظها من أن يدرك بعضها بعضا، ويناسب زجرها الناس في المحشر.
و{التاليات ذكرا}يناسب أحوال الرسول والرسل عليهم الصلاة والسلام وما أرسلوا به إلى أقوامهم.
هذا وفي الافتتاح بالقسم تشويق إلى معرفة المقسم عليه ليقبل عليه السامع بشراشره.
فقد استكملت فاتحة السورة أحسن وجوه البيان وأكملها. اهـ.

.قال سيد قطب:

مقدمة سورة الصافات:
هذه السورة المكية- كسابقتها- قصيرة الفواصل، سريعة الإيقاع، كثيرة المشاهد والمواقف، متنوعة الصور والظلال، عميقة المؤثرات، وبعضها عنيف الوقع، عنيف التأثير.
وهي تستهدف- كسائر السور المكية- بناء العقيدة في النفوس، وتخليصها من شوائب الشرك في كل صوره وأشكاله. ولكنها- بصفة خاصة- تعالج صورة معينة من صور الشرك التي كانت سائدة في البيئة العربية الأولى. وتقف أمام هذه الصورة طويلًا؛ وتكشف عن زيفها وبطلانها بوسائل شتى.. تلك هي الصورة التي كانتجاهلية العرب تستسيغها، وهي تزعم أن هناك قرابة بين الله- سبحانه- وبين الجن. وتستطرد في تلك الأسطورة فتزعم أنه من التزاوج بين الله- تعالى- والجنة ولدت الملائكة. ثم تزعم أن الملائكة إناث، وأنهن بنات الله!
هذه الأسطورة تتعرض لحملة قوية في هذه السورة؛ تكشف عن تهافتها وسخفها. ونظرًا لأنها هي الموضوع البارز الذي تعالجه السورة، فإنها تبدأ بالإشارة إلى طوائف من الملائكة: {والصافات صفًا فالزاجرات زجرًا فالتاليات ذكرًا}. ويتلوها حديث عن الشياطين المردة، وتعرضهم للرجم بالشهب الثاقبة كي لا يقربوا من الملأ الأعلى. ولا يتسمعوا لما يدور فيه؛ ولو كانوا حيث تزعم لهم أساطير الجاهلية ما طوردوا هذه المطاردة! كذلك يشبه ثمار شجرة الزقوم التي يعذب بها الظالمون في جهنم بأنها كرؤوس الشياطين في معرض التقبيح والتفظيع! وفي نهاية السورة تأتي الحملة المباشرة على تلك الأسطورة المتهافتة: فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون؟ أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون؟ ألا إنهم من إفكهم ليقولون:ولد الله وإنهم لكاذبون. أصطفى البنات على البنين؟ ما لكم كيف تحكمون؟ أفلا تذكرون؟ أم لكم سلطان مبين؟ فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين. وجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون.. سبحان الله عما يصفون!.
وإلى جانب علاج هذه الصورة الخاصة من صور الشرك الجاهلية تتناول السورة جوانب العقيدة الأخرى التي تتناولها السور المكية. فتثبت فكرة التوحيد مستدلة بالكون المشهود:{إن إلهكم لواحد رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق}.. وتنص على أن الشرك هو السبب في عذاب المعذبين في ثنايا مشهد من مشاهد القيامة {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}.
كذلك تتناول قضية البعث والحساب والجزاء.
{وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أإذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون} ثم تعرض بهذه المناسبة مشهدًا مطولًا فريدًا من مشاهد القيامة الحافلة بالمناظر والحركات والانفعالات والمفاجآت!
وتعرض لقضية الوحي والرسالة الذي ورد من قول: {أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} والرد عليهم: {بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.
وبمناسبة ضلالهم وتكذيبهم تعرض سلسلة من قصص الرسل:نوح وإبراهيم وبنيه. وموسى وهارون. وإلياس. ولوط. ويونس. تتكشف فيها رحمة الله ونصره لرسله وأخذه للمكذبين بالعذاب والتنكيل:{ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين}.
وتبرز في هذا القصص قصة إبراهيم خاصة مع ابنه إسماعيل. قصة الذبح والفداء وتبرز فيها الطاعة والاستسلام لله في أروع صورها وأعمقها وأرفعها؛ وتبلغ الذروة التي لا يبلغها إلا الإيمان الخالص الذي يرفع النفوس إلى ذلك الأفق السامق الوضيء.
والمؤثرات الموحية التي تصاحب عرض موضوعات السور وقضاياها، تتمثل بشكل واضح في:
مشهد السماء وكواكبها وشهبها ورجومها:{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظًا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورًا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}.
وفي مشاهد القيامة ومواقفها المثيرة، ومفاجآتها الفريدة، وانفعالاتها القوية. والمشاهد التي تحويها هذه السورةذات طابع فريد حقًا سنلمسه عند استعراضه تفصيلًا في مكانه من السورة.
وفي القصص ومواقفه وإيحاءاته. وبخاصة في قصة إبراهيم وولده الذبيح إسماعيل- عليهما السلام، وترتفع المؤثرات الموحية هنا إلى الذروة التي تهز القلوب هزًا عميقًا عنيفًا.
ذلك إلى الإيقاع الموسيقي في السورة وهو ذو طابع مميز يتفق مع صورها وظلالها ومشاهدها ومواقفها وإيحاءاتها المتلاحقة العميقة.
ويجري سياق السورة في عرض موضوعاتها في ثلاثة أشواط رئيسية:
الشوط الأول يتضمن افتتاح السورة بالقسم بتلك الطوائف من الملائكة:{والصافات صفا فالزاجرات زجرًا فالتاليات ذكرًا}على وحدانية الله رب المشارق، مزين السماء بالكواكب. ثم تجيء مسألة الشياطين وتسمعهم للملأ الأعلى ورجمهم بالشهب الثاقبة. يتلوها سؤال لهم: أهم أشد خلقًا أم تلك الخلائق:الملائكة والسماء والكواكب والشياطين والشهب؟ للتوصل من هذا إلى تسفيه ما كانوا يقولونه عن البعث، وإثبات ما كانوا يستبعدونه ويستهزئون بوقوعه. ومن ثم يعرض ذلك المشهد المطول للبعث والحساب والنعيم والعذاب. وهو مشهد فريد.
والشوط الثاني يبدأ بأن هؤلاء الضالين لهم نظائر في السابقين، الذين جاءتهم النذر فكان أكثرهم من الضالين. ويستطرد في قصص أولئك المنذرين من قوم نوح وإبراهيم وموسى وهارون وإلياس ولوط ويونس؛ وكيف كانت عاقبة المنذرين وعاقبة المؤمنين.
والشوط الثالث يتحدث عن تلك الأسطورة التي مر ذكرها. إسطورة الجن والملائكة. ويقرر كذلك وعد الله لرسله بالظفر والغلبة:{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون}.. وينتهي بختام السورة بتنزيه الله سبحانه والتسليم على رسله والاعتراف بربوبيته:{سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.. وهي القضايا التي تتناولها السورة في الصميم. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الصافات مكية وآياتها ثمان وثمانون آية.

.بين يدي السورة:

سورة الصافات من السور المكية التي تعني بأصول العقيدة الإسلامية التوحيد، الوحي، البعث والجزاء شأنها كشأن سائر السور المكية التي تهدف إلي تثبيت دعائم الإيمان.
ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن الملائكة الأبرار، الصافات قوائمها في الصلاة، أو أجنحتها في إرتقاب أمر الله، الزاجرين للسحاب يسوقونه حيث شاء الله.. ثم تحدثت عن الجن وتعرضهم للرجم بالشهب الثاقبة، ردا علي أساطير أهل الجاهلية في إعتقادهم بأن هناك قرابة بين الله سبحانه وبين الجن، وتحدثت السورة عن البعث والجزاء لإنكار المشركين له، واستبعادهم للحياة مرة ثانية بعد أن يصبحوا عظاما ورفاتا {والصافات صفا فالزاجرات زجرا} الآيات.
وتأكيدا لعقيدة الإيمان بالبعث ذكرت السورة قصة المؤمن والكافر والحوار الذي دار بينهما في الدنيا، ثم النتيجة التي آل إليها أمر كل منهما بخلود المؤمن في الجنة، وخلود الكافر في النار {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} الآيات.
واستعرضت السورة الكريمة قصص بعض الأنبياء، بدءا بنوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم قصة موسي وهارون، ثم إلياس ولوط، وذكرت بالتفصيل قصة الإيمان والإبتلاء في حادثة الذبيح إسماعيل وما جري من أمر الرؤيا للخليل إبراهيم حتى أمر بذبح ولده ثم جاءه الفداء، تعليما للمؤمنين كيف يكون أمر الإنقياد والإستسلام لأمر أحكم الحاكمين {ولقد نادانا نوح فلنعم المجبيون} الآيات.
وختمت السورة الكريمة ببيان نصرة الله لأنبيائه وأوليائه في الدنيا والآخرة، وإن العاقبة للمتقين {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون} الآيات إلى خاتمة السورة الكريمة.

.التسمية:

سميت السورة سورة الصافات تذكيرا للعباد بالملأ الأعلي من الملائكة الأطهار، الذين لا ينفكون عن عبادة الله {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} وبيان وظائفهم التي كلفوا بها. اهـ.